مدار: 07 كانون الثاني/ يناير 2021
رسميا، بدأت العلاقات بين المغرب وإسرائيل عام 1994 على مستوى منخفض، ثم جمدتها الرباط في 2000، إثر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى). لكن الجسور بين المملكة المغربية ودولة الاحتلال لم تنقطع أبدا، فقد سهلت السلطات المغربية منذ الاستقلال سنة 1956 هجرة اليهود المغاربة نحو فلسطين، مواصلة بذلك نفس النهج الذي سلكته السلطات الاستعمارية الفرنسية سنة 1948. غير أن عملية التهجير عرفت ارتفاعا في الوتيرة بتسلم الحسن الثاني عرش المغرب عام 1961، ففي الفترة الممتدة بين تشرين الثاني/نوننبر 1961 وربيع 1964 أنجزت العملية التي يطلق عليها الإسرائيليون اسم “عملية ياخين”، وهي عملية نفذها تنظيم تابع للموساد في المغرب بتمويل من الوكالة اليهودية والدولة الصهيونية؛ كما أجرت الموساد عام 1961 مفاوضات سرية مع مبعوثين مغاربة انتهت إلى إقامة جسر جوي بين الدار البيضاء ومرسيليا لتهجير اليهود.
وبلغ التنسيق أوجه بين السلطات المغربية والكيان الصهيوني بالاشتراك في اختطاف المعارض المغربي المهدي بن بركة، في ساحة ليب بباريس.
ولم تتوقف الزيارات السرية لقادة الكيان الصهيوني إلى المغرب، فقد كشف حاييم هرتزوغ، رئيس الكيان الصهيوني في فترة الثمانينيات، أنه زار المملكة في شباط/أبريل 1969، كما كشف مناحيم بيغين في لقاء مع قناة تلفزية إسرائيلية في آذار/مارس 1981 أنه التقى مسؤولين كبارا من البلدان العربية في المغرب، حيث أجرى محادثات على أعلى مستوى مع مسؤولين أردنيين ما بين 1974 و1977.
وفي سنة 1977 زار موشي ديان المغرب والتقى الملك يوم الأحد 4 أيلول/ستنبر 1977، وقد كتب في مذكراته أن الحسن الثاني ملك المغرب “هو الذي كان وراء زيارة السادات للقدس عام 1977”.
واتخذ النشاط الصهيوني، بمباركة من النظام المغربي، أشكالا متعددة، فتحت غطاء التعايش اليهودي العربي تأسست في باريس جمعية أطلق عليها اسم “هوية وحوار” على أيدي أربعة يهود من الموالين لإسرائيل هم أندري أزولاي، وجوزيف عفلالو، وروبير صراف، وأندري اللوز.
وفي أيار/ماي 1984 انعقد مؤتمر صهيوني علني في المغرب تحت غطاء اجتماع مجلس الطوائف اليهودية المغربية، بدعوة رسمية من السلطات المغربية، وحضره عدد كبير من أقطاب الصهيونية قادمين من إسرائيل، كما شارك فيه وزير الداخلية المغربي إدريس البصري، ووزير الدولة أحمد العلوي.
وفي 22 يوليو/ تموز 1986، استقبل العاهل المغربي آنذاك، الحسن الثاني، رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، شمعون بيريز، في مدينة إفران، ثم التقاه في العاصمة الرباط. كما ساهم الحسن الثاني في إعداد الظروف للقاء أوسلو بين القيادة الفلسطينية وإسرائيل، كما صرح بذلك كل من ياسر عرفات وشيمون بيريز.
وسارع المغرب عقب التوقيع على إعلان المبادئ الفلسطينية – الإسرائيلية في أيلول/سبتمبر 1993 إلى تفعيل إقامة روابط مع إسرائيل على مستوى مكاتب الاتصال الثنائية (أيلول/سبتمبر 1994).
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 1999 حوالي 50 مليون دولار، كما زار المغرب في ذلك العام نحو 50 ألف إسرائيلي، وفق مكتب الاتصال الإسرائيلي في المملكة.
وفي 12 أيار/ماي 2000، زار وفد عسكري إسرائيلي يضم 25 خبيرا من سلاح الجو المناطق الجنوبية للمغرب.
وفي 22 سبتمبر/ أيلول من العام نفسه، زار المغرب رجال أعمال إسرائيليون يمثلون 24 شركة متخصصة في التقنيات الزراعية، بدعوة من غرفة التجارة والصناعة والخدمات (حكومية) في الدار البيضاء..
وفي 1 و2 سبتمبر/ أيلول 2003، زار وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، سيلفان شالوم، المغرب، والتقى الملك محمدا السادس.
وكان “سيلفان شالوم”، وزير الخارجية الإسرائيلي، قبل زيارته لإلى امغرب في نوفمبر 2005 صرح للإذاعة الإسرائيلية قائلا: “تبعا لاتصالات سرية ولقاءات مع مجموعة من الوزراء المغاربة، يتضح أن المغرب قرر إعادة ربط علاقات مع إسرائيل”، وقبله كان “شالوم كوهن”، المدير العام للشؤون الخارجية الإسرائيلية، قام بعدة زيارات إلى المغرب في سرية تامة.
وفي 4 تموز/يوليو 2007، التقت وزيرة الخارجية الإسرائيلية حينها، تسيبي ليفني، نظيرها المغربي، محمد بن عيسى، في باريس.
في 4 أيلول/ سبتمبر 2009، بحث الملك محمد السادس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، أرييل شارون، عبر الهاتف، خارطة الطريق للسلام في الشرق الأوسط، ضمن جهود الرباط للتوصل إلى سلام عادل ونهائي، وفق وكالة الأنباء المغربية.
وفي شباط/ فبراير 2019، قالت القناة “13” الإسرائيلية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التقى سرًا بوزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولم يصدر تعقيب من الرباط. وبعد استئناف علاقات المغرب مع إسرائيل، أبلغ الملك محمد السادس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه ملتزم بفتح سفارات كجزء من المرحلة الثانية من عملية التطبيع، حسب موقع “أكسيوس الإسرائيلي”.
والتزم المغرب، فقط، بفتح مكاتب اتصال بدلاً من السفارات “ما أدى إلى تكهنات بأن الرباط تنتظر لترى ما إذا كانت إدارة بايدن ستلغي اعتراف ترامب بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية قبل الذهاب مع إسرائيل حتى النهاية”، يضيف أكسيوس إسرائيل.
ومن المرتقب أن يزور وفد إسرائيلي الرباط لتفقد مكتب الاتصال الإسرائيلي السابق المغلق منذ عام 2002، لكن مبانيه مازالت مملوكة للحكومة الإسرائيلية، وتقع في فيلا في شارع المهدي بن بركة. كما أجرى وفد مغربي زيارة تقنية للمبنى الذي يضم مكتب الاتصال المغربي في تل أبيب، حسب المصدر الإسرائيلي نفسه.