مدار: 07 آب/ أغسطس 2025
مازال لبنان يعيش مخاضا عسيرا، في نتيجة مرتبطة بالواقع الجديد الذي خلّفته المواجهة الأخيرة بين حزب الله والكيان المحتل والتداعيات العامة لـ “طوفان الأقصى”، ودخل هذا المسار منعطفا حادّا بعد أن اتخذت الحكومة اللبنانية يوم الثلاثاء قراراً محفوفا بالمخاطر، من خلال تكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة، في خطوة تستهدف بشكل مباشر ترسانة حزب الله العسكرية.
ورد حزب الله بالرفض القاطع للقرار الذي وصفه بـ”الخطيئة الكبرى”، معلناً أنه سيتعامل معه “كأنه غير موجود”.
وينظر الكثير من المتتبعين بالمنطقة لهذا القرار بعين من الريبة والتوجس، في ظل بصمات إسرائيلية-أمريكية-عربية خلف هذه الخطوة.
وفي أعقاب اجتماع حكومي ماراثوني، انسحب من جلسته وزيرا حزب الله وحركة أمل، واستمر خمس ساعات في القصر الرئاسي ببعبدا، أعلن رئيس الوزراء نواف سلام أن مجلس الوزراء كلف الجيش “بوضع خطة لحصر السلاح بيد الجهات المحددة وعرضها على مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الجاري”.
وخيّمت على الاجتماع الضغوطات التي تمارسها واشنطن على لبنان، حيث أكد سلام على مواصلة النقاش على أساس “الورقة التي تقدم بها الجانب الأميركي”.
ويعد قرار الحكومة اللبنانية تصعيدا غير مسبوق منذ سنة 1990، حين تم توصل إلى اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان، حيث احتفظ حزب الله بسلاحه في إطار مقاومة الكيان الصهيونية.
وتحاول بعض القوى اللبنانية استغلال الوضع الجديد الذي خلفته المواجهة العسكرية الأخيرة بين حزب الله والكيان الصهيوني، والصدام العسكري بين إيران وإسرائيل التي دعمتها الولايات المتحدة، إلى جانب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا الذي كان يسمح بخط الإمداد من إيران.
وردّ حزب الله بسرعة على الحكومة اللبنانية، في بيان رسمي، بأن قرارها “يُحقق مصلحة إسرائيل بالكامل، ويجعل لبنان مكشوفاً أمام العدو الإسرائيلي من دون أي ردع”، مضيفا أنه جاء نتيجة “إملاءات المبعوث الأميركي”، ويخالف الميثاق الوطني والبيان الوزاري للحكومة.
ورغم الرفض القاطع للقرار، أكد حزب الله أنه منفتح على الحوار شريطة أن لا تناقش”استراتيجية الأمن الوطني (..) على وقع العدوان”.
وكان الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، استبق القرار، يوم الثلاثاء، بتأكيد أن المقاومة لن توافق على أي جدول زمني لتسليم سلاحها في ظل استمرار “العدوان الإسرائيلي”، مطالبا بانسحاب إسرائيل من نقاط احتلتها بعد العدوان الأخير على لبنان، ووقف خروقاتها لوقف إطلاق النار، وإعادة الأسرى، والبدء بإعادة الإعمار.
وتشير جل المؤشرات إلى أن حزب الله لن يسلّم سلاحه، وهو ما يدركه الفرقاء اللبنانيون، ومع ذلك، فإن صداما سياسيا يبقى واردا، بينما يحذّر مراقبون من حرب أهلية جديدة إذا تم الإصرار على تنفيذ القرار، وهو ما سيكون في مصلحة الكيان الصهيوني الذي لن يتردد في دعم أطراف على حساب أخرى ناهيك عن محاولة استغلال الوضع لقضم المزيد الأراضي على غرار ما يجري في سوريا.
وسبق أن أوردت تقارير إعلامية بأن الولايات المتحدة وأطراف عربية وغربية تمارس ضغوطا على الحكومة اللبنانية من أجل نزع سلاح حزب الله مقابل دعم لبنان الذي يرزح تحت وطأة انهيار اقتصادي طويل.
ومع ذلك، لا تتوفر الحكومة اللبنانية على الإمكانيات اللازمة لفرض قرار نزع سلاح حزب الله، ويعيد هذا السياق إلى الأذهان أحداث 07 أيار/ مايو 2008 حين قررت الحكومة وضع يدها على شبكة اتصالات حزب الله، لكن هذا الأخير رد بتطويق بيروت، في أحداث أعادت بقوة شبح الحرب الأهلية، خصوصا بعد سقوط العشرات من القتلى في ذلك الحين.