مدار: 12 شباط/ فبراير 2022
كاترين ضاهر
أقر مجلس النواب الأردني، إصلاحات دستورية مدعومة من الحكومة تهدف إلى تنشيط الحياة السياسية الراكدة في البلاد. وقد شملت 30 بنداً؛ أبرزها قانوني الأحزاب والانتخاب، وإنشاء مجلس الأمن القومي، إضافة إلى مواد لتمكين المرأة والشباب وذوي الإعاقة.
وتمت الموافقة على مشروع تعديل الدستور، من طرف النواب، في السادس من يناير/ كانون الثاني الماضي، بأغلبية 104 صوت من أصل 112، بعد مناظرة محتدمة على التعديلات التي اقترحتها في بادئ الأمر لجنة ملكية عينها الملك عبد الله. وأكّد بعض المشرعين في مجلس النواب الذي يهيمن عليه نواب موالون للحكومة “إن التعديلات تنتهك الدستور والنظام البرلماني السائد في البلاد منذ عقود”.
وحسب وكالة “رويترز” انتقد بعض النواب المعارضين التعديلات، مؤكدّين أنها غير كافية لتعزيز الديمقراطية. كما اعتبرها ساسة مستقلون “محاولة من السلطة لاستعادة ثقة الرأي العام في الدولة والتنفيس عن الغضب من فشل الحكومات المتعاقبة في الوفاء بتعهدات الرخاء ومحاربة الفساد”.
“تمكين المرأة”…
قدّمت اللجنة الوطنية لتحديث المنظومة السياسية في الأردن لعام 2021، تعديلات خاصة بتمكين المرأة والنهوض بحقوقها التشريعية، ومنها تعديل عنوان الفصل الثاني من الدستور الأردني بإضافة كلمة “الأردنيات” ليصبح “حقوق الأردنيين والأردنيات وواجباتهم”، وإضافة فقرة جديدة إلى المادة السادسة من الدستور تنص على “تكفل الدولة تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع بما يكفل تكافؤ الفرص على أساس العدل والإنصاف وحمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز”، وغيرها من النصوص التي تم تعديلها وإضافتها للدستور.
وتعقيباً على التعديلات الدستورية الجديدة ومدى أهميتها للمرأة الأردنية، أكّدت عضو الحزب الشيوعي الأردني، الاعلامية الأردنية ميرفت جبران في تصريح لـ “مدار” أن الوضع بشكل عام لا يحمل مؤشرات للتفاؤل بأن تنعكس ورشة الإصلاح السياسي، التي خاضتها الأردن في الأشهر الأخيرة على المرأة بصورة جذرية، وكل ما يمكن الحصول عليه هو زيادة نسبة مشاركتها من غير أثر نوعي يلمس أوضاع المرأة في الأردن.
ورأت المتحدثة نفسها أنه “من الطبيعي أن تستفيد المرأة من توسيع المشاركة السياسية كتحصيل حاصل، إلّا أن هذه الخطوة لا تعني بالضرورة أن ينعكس ذلك إيجابياً على أوضاع المرأة الأردنية، خاصة أن الكوتا النسائية أثبتت أنها تمنح الفرصة لمشاركة نساء غير مؤمنات بقضايا المرأة، أو لا يجدن الحماسة الكافية لتبني هذه القضايا أثناء مشاركتهن السياسية”، مشيرة أن برامج الأحزاب الأردنية لا تعطي الأولوية بالاهتمام بالمرأة وقضاياها.
وأوضحت ميرفت جبران أنه “مع أن اللجنة الملكية التي شكلت لتحديث المنظومة السياسية أفردت أحد محاورها لتمكين المرأة، إلّا النتائج التي أسفرت عنها توصيات اللجنة وانعكست في التعديلات الدستورية لم تقدم جديداً في الواقع”، مبينة أن المعركة التي أثيرت في مجلس النواب حول إضافة تعبير “الأردنيات” بجانب الأردنيين في أحد مواد الدستور، دليلاً على صعوبة مقاربة إجراء تعديلات جذرية تتعلق بالمرأة، إذ “بمجرد طرح الموضوع للنقاش سادت أجواء التوتر، الأمر الذي أدى بأكثر من مصدر حكومي التأكيد على أن هذه الصياغة لن تؤثر على القوانين المتعلقة بشؤون المرأة الأردنية، ولن تسفر عن أي تحريك لأوضاعها القائمة”.
كما تطرقت الإعلامية الأردنية إلى موقف وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، موسى المعايطة، بالقول: “وعلى الصعيد ذاته، فإن الوزير المعايطة في لقاءاته مع عدد من ممثلات المرأة في الأردن والمنطقة العربية لم يقدم سوى طروحات فضفاضة وغير محددة حول الانعكاس الإيجابي على حزمة الإصلاح السياسي، وخاصة قانوني الانتخاب والأحزاب على تعزيز حضور المرأة في البرلمان والمجالس المنتخبة”، مشدّدة على أن “الوزير المسؤول عن قيادة جهود الحكومة في مجال التنمية السياسية يغفل أن الكوتا النسائية التي حضرت في البرلمان الأردني السنوات السابقة لم تُسفر عن تبني قضايا المرأة، بل على العكس، لاسيما أن بعض المشاركات اللواتي وصلن إلى المقاعد النيابية على أساس ‘الكوتا’، اتخذن مواقف سلبية تجاه مطالب المرأة الأردنية وقضاياها، وخاصة النائبات المقربات من التيار الإسلامي”.
“المواطنة الحقيقية”…
يوثق التاريخ الأردني أدواراً هاماً للنساء الأردنيات، شاركنّ بها في بناء الدولة الأردنية والمؤسسات والقوانين لاسيما في الحياة العامة والسياسية، وحسب تقرير لـ “جمعية معهد تضامن النساء الأردني”؛ فإن النساء الأردنيات شاركنّ في معظم مبادرات الإصلاح السياسي والديمقراطي في البلاد، وكان لهن أدوراً هامة في المشاركة وصياغة هذه المبادرات وبلورتها والعمل على تنفيذها، وضمان مراعاتها للمساواة بين الجنسين في مختلف المجالات..، مثل الميثاق الوطني الأردني 1990، اللجنة الملكية لحقوق الإنسان 2000، مبادرة الأردن أولاً 2002، وغيرها… وشاركت النساء الأردنيات مؤخراً في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في الأردن لعام 2021، والتي صدر عنها توصيات عدة تساهم في تمكين دور المرأة والشباب.
يُشار إلى أنَ المملكة الأردنية تؤكد على مبدأ المواطنة والمساواة بين الجنسين منذ تأسيسها، وفقاً للميثاق الوطني لعام 1991، ولكن على الرغم مما تحمل هذه النصوص إلى القراءة الإيجابية لوضع المرأة الأردنية، ومشاركتها في الحياة العامة والسياسية، وذلك من خلال نصوص في الدستور، تتساءل “تضامن” حول التوضيحات التشريعية التي يجب أن تنعكس على القوانين والتشريعات، وخاصة التي ما زالت تحمل تمييزاً سلبياً تجاه المرأة، وذلك من منطلق مبدأ “المواطنة المتساوية مع الرجل في الحقوق كما الواجبات”، فالمرأة تتساوى مع الرجل في الواجبات المطلوبة منها.
وأكّدت الجمعية نفسها على ضرورة تحقيق مبدأ المواطنة والحقوق المتساوية بين الأردنيين والأردنيات، عبر إزالة العراقيل التي تحول دون تمتع المرأة الأردنية بحقوق دستورية كاملة تؤدي إلى إزالة أشكال التمييز ضدها في القوانين والتشريعات، منوّهة أن الدستور الأردني يتضمن نصاً على عدم التمييز إلّا أنه لا يشير إلى “النوع الاجتماعي” بشكل واضح حسب تقرير دولي بعنوان “المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2016”.
قانون الانتخاب…
وفيما يخص مشروع قانون الانتخاب، تمت زيادة الحد الأدنى لمقاعد المرأة من 15 إلى 18 مقعداً وأصبح لكل دائرة بدلاً من كل محافظة، واشترطت التعديلات أيضاً في القوائم النسبية المغلقة أن يكون في أول 3 أسماء مرشحة للانتخابات امرأة، وفي ثاني 3 أسماء امرأة، مما يفتح المجال بشكل إجباري لوجود 10 سيدات في القوائم النسبية المغلقة على مستوى الوطن، إضافة لـ 18 مقعداً، بالإضافة لتنافسهن على المقاعد الأخرى.
ووفقاً للتعديلات يشترط على الأحزاب السياسية عند التأسيس أن يكون هناك 20% من عضويتها سيدات و20% شباب، وفي نظام التمويل المالي تنص التوصيات المقترحة أن يتم إضافة زيادة 20% من المبالغ التي تدفع للأحزاب من أجل الترشح للانتخابات، في حالة وجود سيدات في مجلس النواب من الحزب إضافة على المبالغ الأصلية.
ويُذكر أن وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، موسى المعايطة زعم في تصريح لـ “سبوتنيك” أن هذه التعديلات تصب في مجال تمكين المرأة بشكل عملي واضح من أجل أن يكون لها مساهمة في العمل السياسي بشكل أكبر.